GuidePedia

0

-تتجه وزارة الداخلية إلى نزع فتيل واحد من أهم بؤر التوتر وتصفية الحسابات السياسية والانتخابية بدورات المجالس الجماعية، ممثلا في لحظة الحساب الإداري التي يتحول فيها المنتخبون والمستشارون إلى خبراء في المالية والأرقام والحسابات والفوائض والبرمجة، قبل الانتقال إلى مرحلة التصويت العلني الذي يعز فيه الرؤساء، الآمرون بالصرف، أو يهانون.
بانتهاء دورات فبراير الماضي بأغلب الجماعات المحلية، يكون المستشارون والمنتخبون أنهوا آخر مشهد ستذكر فيه عبارة "الحساب الإداري" التي رافقت جميع مواثيق التنظيم الجماعي وتنظيم مالية الجماعات المحلية ومجوعاتها منذ 1976 إلى ميثاق عام 2009، إذ تنص المادة 71 منه على التصويت بالاقتراع العلني إجباريا على الحساب الإداري، بعدما كان في السابق من الممكن اللجوء إلى التصويت السري، بطلب من ثلث الأعضاء. وفي حالة رفض الحساب الإداري، يحال على المجلس الجهوي للحسابات من أجل دراسته.
وخضعت المادة 71 إلى تعديلات جوهرية في مشروع قانون 113-14 المتعلق بالجماعات المعروض على النقاش في لجنة الداخلية والجماعات المحلية بمجلس النواب، إذ جرى الاستغناء كليا عن عبارة "الحساب الإداري" وتعويضها بمالية الجماعة التي تخضع، حسب الفصل 214 من المشروع، لفحص المجالس الجهوية للحسابات طبقا للتشريع المتعلق بالمحاكم المالية، كما تخضع العمليات المالية والمحاسباتية للجماعة لتدقيق سنوي تنجزه المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو هما معا إذا اقتضى الأمر، أو من قبل هيأة للتدقيق يتم انتداب أحد أعضائها وتحدد صلاحياتها بقرار مشترك من وزارتي الداخلية والمالية.
وحسب متتبعين، فإن هذا المقترح الذي يتجه للتصويت الإيجابي عليه في غرفتي البرلمان، يروم تحقيق هدفين، أولا تخليق الحياة الجماعية والقطع وكل الممارسات السابقة التي كانت تتحول فيها لحظة عرض وثيقة الحساب الإداري إلى حلبة للبيع والشراء و "الكوامل" والمزايدات الفارغ، وثانيا، جعل تقوية مؤشرات النجاعة والفعالية والمردودية والمسؤولية والمحاسبة من خلال طريقة التعامل الدوري مع مالية الجماعة ووضعها في سياقها الزمني والتدبيري العام الذي يمتد لولاية كاملة وليس سنة مالية فقط مفصولة عن إطارها العام.
ولا يلزم الفصل نفسه رئيس الجماعة بعرض تقارير هذه المجالس على دورات المجلس الجماعي، بل يمكنه تبليغ أعضائه بنسخ منها من أجل التداول فيها فقط دون اتخاذ مقرر بشأنها.
وأحدث المشروع الجديد انقلابا في جدولة دورات المجالس الجماعية السنوية وجداول أعمالها، إذ لم يعد المكتب المسير ملزما بوضع مداخليه وحساباته ونفقاته كل سنة أمام أعضاء المجلس للتقرير في شأنها بالرفض أو القبول، بل أضحى الأمر اختيارا مرتين في الولاية الجماعية التي تمتد ست سنوات، ويكون الأمر في شكل تقرير مالي وأدبي تعقد لأجله دورة في بداية السنة الرابعة، ثم دورة أخرى في نهاية الولاية يعقبهما تداول ونقاش عام دون إصدار أي مقرر.
والواقع أن سحب آلية الحساب الإداري من يد المنتخبين (المعارضة بالأساس) ووضعها في يد المجالس الجهوية للحسابات والمحاكم المالية، لا يسري فقط على الميثاق الجماعي (الفصول 37 و 47 و 65 و 71)، فقد يمتد الأمر إلى نصوص قانونية أخرى مثل القانون رقم 08-45 المتعلق بتنظيم مالية الجماعات المحلية ومجموعاتها، والمرسوم رقم 2.09.441 بتاريخ 3 يناير 2010 المتعلق بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات والمجموعات نفسها، وهي كلها نصوص تحدد مسطرة إعداد وعرض الحساب الإداري على أنظار المجلس الجماعي.

إرسال تعليق

 
Top